سُورَةُ النَّاسِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سِتٌّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
٢٤ ‏/ ٧٥٣
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ أَسْتَجِيرُ ﴿بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ﴾ [الناس: ٢] وَهُوَ مَلِكُ جَمِيعِ الْخَلْقِ: إِنْسِهِمْ وَجِنِّهِمْ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، إِعْلَامًا مِنْهُ بِذَلِكَ مَنْ كَانَ يُعَظِّمُ النَّاسَ تَعْظِيمَ الْمُؤْمِنِينَ رَبَّهُمْ، أَنَّهُ مَلِكُ مَنْ يُعَظِّمُهُ، وَأَنَّ ذَلِكَ فِي مُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ، تَجْرِي عَلَيْهِ قُدْرَتُهُ، وَأَنَّهُ أَوْلَى بِالتَّعْظِيمِ، وَأَحَقُّ بِالتَّعَبُّدِ لَهُ مِمَّنْ يُعَظِّمُهُ، وَيَتَعَبَّدُ لَهُ، مِنْ غَيْرِهِ مِنَ النَّاسِ
٢٤ ‏/ ٧٥٣
وَقَوْلُهُ: ﴿إِلَهِ النَّاسِ﴾ [الناس: ٣] يَقُولُ: مَعْبُودِ النَّاسِ، الَّذِي لَهُ الْعِبَادَةُ دُونَ كُلِّ شَيْءٍ سِوَاهُ
٢٤ ‏/ ٧٥٣
وَقَوْلُهُ: ﴿مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ﴾ [الناس: ٤] يَعْنِي: مِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ
٢٤ ‏/ ٧٥٣
﴿الْخَنَّاسِ﴾ [الناس: ٤] الَّذِي يَخْنِسُ مَرَّةً وَيُوَسْوِسُ أُخْرَى، وَإِنَّمَا يَخْنِسُ فِيمَا ذُكِرَ عِنْدَ ذِكْرِ الْعَبْدِ رَبَّهُ
٢٤ ‏/ ٧٥٣
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ عِيسَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا عَلَى قَلْبِهِ الْوَسْوَاسُ، فَإِذَا ⦗٧٥٤⦘ عَقَلَ فَذَكَرَ اللَّهَ خَنَسَ، وَإِذَا غَفَلَ وَسْوَسَ، قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ﴾ [الناس: ٤]»
٢٤ ‏/ ٧٥٣
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ ﴿الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ﴾ [الناس: ٤] قَالَ: الشَّيْطَانُ جَاثِمٌ عَلَى قَلْبِ ابْنِ آدَمَ، فَإِذَا سَهَا وَغَفَلَ وَسْوَسَ، وَإِذَا ذَكَرَ اللَّهَ خَنَسَ “
٢٤ ‏/ ٧٥٤
قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ﴾ [الناس: ٤] قَالَ: «يَنْبَسِطُ، فَإِذَا ذَكَرَ اللَّهَ خَنَسَ وَانْقَبَضَ، فَإِذَا غَفَلَ انْبَسَطَ»
٢٤ ‏/ ٧٥٤
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ ﴿الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ﴾ [الناس: ٤] قَالَ: «الشَّيْطَانُ يَكُونُ عَلَى قَلْبِ الْإِنْسَانِ، فَإِذَا ذَكَرَ اللَّهَ خَنَسَ»
٢٤ ‏/ ٧٥٤
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿الْوَسْوَاسِ﴾ [الناس: ٤] قَالَ: قَالَ «هُوَ الشَّيْطَانُ، وَهُوَ الْخَنَّاسُ أَيْضًا، إِذَا ذَكَرَ الْعَبْدُ رَبَّهُ خَنَسَ، وَهُوَ يُوَسْوِسُ وَيَخْنِسُ»
٢٤ ‏/ ٧٥٤
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ﴾ [الناس: ٤] «يَعْنِي: الشَّيْطَانَ، يُوَسْوِسُ فِي صَدْرِ ابْنِ آدَمَ، وَيَخْنِسُ إِذَا ذَكَرَ اللَّهَ»
٢٤ ‏/ ٧٥٥
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، «ذُكِرَ لِي أَنَّ الشَّيْطَانَ أَوْ قَالَ الْوَسْوَاسَ، يَنْفُثُ فِي قَلْبِ الْإِنْسَانِ عِنْدَ الْحُزْنِ وَعِنْدَ الْفَرَحِ، وَإِذَا ذَكَرَ اللَّهَ خَنَسَ»
٢٤ ‏/ ٧٥٥
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿الْخَنَّاسِ﴾ [الناس: ٤] قَالَ: «الْخَنَّاسُ الَّذِي يُوَسْوِسُ مَرَّةً، وَيَخْنِسُ مَرَّةً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، وَكَانَ يُقَالُ: شَيْطَانُ الْإِنْسِ أَشَدُّ عَلَى النَّاسِ مِنْ شَيْطَانِ الْجِنِّ، شَيْطَانُ الْجِنِّ يُوَسْوِسُ وَلَا تَرَاهُ، وَهَذَا يُعَايِنُكَ مُعَايَنَةً» وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه إِنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ ﴿مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ﴾ [الناس: ٤] ” الَّذِي يُوَسْوِسُ بِالدُّعَاءِ إِلَى طَاعَتِهِ فِي صُدُورِ النَّاسِ، حَتَّى يُسْتَجَابَ لَهُ إِلَى مَا دَعَا إِلَيْهِ مِنْ طَاعَتِهِ، فَإِذَا اسْتُجِيبَ لَهُ إِلَى ذَلِكَ خَنَسَ
٢٤ ‏/ ٧٥٥
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ ﴿الْوَسْوَاسِ﴾ [الناس: ٤] قَالَ: «هُوَ الشَّيْطَانُ يَأْمُرُهُ، فَإِذَا أُطِيعَ خَنَسَ» وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ نَبِيَّهُ ⦗٧٥٦⦘ مُحَمَّدًا ﷺ أَنْ يَسْتَعِيذَ بِهِ مِنْ شَرِّ شَيْطَانٍ يُوَسْوِسُ مَرَّةً وَيَخْنِسُ أُخْرَى، وَلَمْ يَخُصَّ وَسْوَسَتَهُ عَلَى نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِهَا، وَلَا خُنُوسَهُ عَلَى وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، وَقَدْ يُوَسْوِسُ الدُّعَاءَ إِلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَإِذَا أُطِيعَ فِيهَا خَنَسَ، وَقَدْ يُوَسْوِسُ بِالنَّهْيِ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ فَإِذَا ذَكَرَ الْعَبْدُ أَمَرَ رَبِّهِ، فَأَطَاعَهُ فِيهِ، وَعَصَى الشَّيْطَانَ خَنَسَ، فَهُوَ فِي كُلِّ حَالَتَيْهِ وَسْوَاسٌ خَنَّاسٌ، وَهَذِهِ الصِّفَةُ صِفَتُهُ
٢٤ ‏/ ٧٥٥
وَقَوْلُهُ: ﴿الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ﴾ [الناس: ٥] يَعْنِي بِذَلِكَ: الشَّيْطَانَ الْوَسْوَاسَ، الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ: جِنِّهِمْ وَإِنْسِهِمْ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَالْجِنُّ نَاسٌ، فَيُقَالُ: الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾ [هود: ١١٩]: قِيلَ: قَدْ سَمَّاهُمُ اللَّهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ نَاسًا، كَمَا سَمَّاهُمْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ رِجَالًا، فَقَالَ: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ﴾ [الجن: ٦] فَجَعَلَ الْجِنَّ رِجَالًا، وَكَذَلِكَ جَعَلَ مِنْهُمْ نَاسًا. وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ يُحَدِّثُ، إِذْ جَاءَ قَوْمٌ مِنَ الْجِنِّ فَوَقَفُوا، فَقِيلَ: مَنْ أَنْتُمْ؟ فَقَالُوا: نَاسٌ مِنَ الْجِنِّ، فَجَعَلَ مِنْهُمْ نَاسًا، فَكَذَلِكَ مَا فِي التَّنْزِيلِ مِنْ ذَلِكَ

عن معز نوني

متحصّل على شهادة ختم الدروس للمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بقفصة دفعة 2000، يعمل حاليًّا أستاذ مدارس إبتدائية

شاهد أيضاً

سُورَةُ الْإِخْلَاصِ

مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا أَرْبَع بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ٢٤ ‏/ ٧٢٧ الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: …